تأهيل منظومة التربية والتكوين:
السيد الرئيس المحترم؛
حضرات السيدات والسادة النواب المحترمين؛
يستند البرنامج الحكومي للتربية والتكوين في مرتكزاته وأسسه إلى العناية والاهتمام اللذين يوليهما جلالة الملك محمد السادس حفظه الله لهذا القطاع، واللذين تجليا هذه السنة في الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في ندوة "المدرسة والسلوك المدني" التي نظمها المجلس الأعلى للتعليم في شهر ماي المنصرم، وفي خطاب العرش الأخير، وفي الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، حيث بوأ جلالته الإصلاح العميق للتربية والتكوين موقع الصدارة كرهان حيوي يتعين على العمل الحكومي والبرلماني كسبه في الأفق المنظور، وذلك في إطار مواصلة تفعيل أوراش الإصلاح المنبثق عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
ولا يخفي عنا ما تم الوقوف عليه من نقائص ومعوقات حالت دون التفعيل الأمثل لبعض بنود الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ونتج عنها تأخر في تحقيق بعض الأهداف المسطرة له، خاصة وأن عشرية الإصلاح الحالي، وهي تقترب من نهايتها المحددة، تدعونا إلى استشراف زمن ما بعد الإصلاح وتحديد أفقه وصياغة توجهاته وغاياته.
فاعتبارا لموقع المحطة الراهنة من سيرورة الإصلاح، سيتم، بتنسيق وثيق مع المجلس الأعلى للتعليم، تركيز العمل الحكومي على المحورين التاليين:
أولهما: إعداد برنامج استعجالي يهدف إلى الرفع من وتيرة الإنجاز في بعض المجالات، حتى نتمكن من الوفاء بالمواعيد المحددة داخل زمن الإصلاح الجاري. ويتعلق الأمر ببلورة وتنفيذ خطة استعجالية تجعل من ترسيخ الجهوية، وتفعيل مدرسة الجودة، وتعميق انخراط الفاعلين والجماعات المحلية والمقاولات، رهانات يتعين توجيه الجهود نحوها عبر إيلاء اهتمام خاص للقضايا التالية:
- تعميم التعليم الأولي الذي لم تسجل فيه منظومتنا التحول الكمي والنوعي المنشود؛
- تفعيل قانون الإلزامية لتحصين المكتسبات وإعطاء تعميم التمدرس مدلوله الحقيقي؛
- مواصلة الاعتناء بالتمدرس في الوسط القروي بشكل عام، وبالفتاة القروية بشكل خاص، دعما لمبدإ تكافؤ الفرص؛
- تسريع وتيرة تعميم التمدرس، خاصة بالنسبة للفئة العمرية من 12 إلى 15 سنة بالتعليم الثانوي الإعدادي؛
- الرفع من نسبة التمدرس بالتعليم العالي، خاصة بالنسبة للفئة العمرية من 18 إلى 22 سنة؛
- استثمار ما تم مراكمته من رصيد في مجال التربية على المساواة بين الجنسين ودعم كل المبادرات التي تعزز ترسيخ هذا المبدإ؛
- اتخاذ التدابير والإجراءات المناسبة للتخفيف من حدة الاكتظاظ الذي تعرفه بعض المؤسسات التعليمية والجامعية؛
- الحد من الهدر الذي مازالت نسبته مرتفعة بالمؤسسات التعليمية والجامعية رغم المجهودات المبذولة، مما يتطلب اعتماد مقاربات جديدة في معالجته؛
- دعم سياسة القرب وتعزيز آليات تدبير المؤسسات المدرسية والجامعية وآليات تتبع وتقويم أدائها؛
- إرساء آليات ناجعة لجعل المؤسسات التعليمية قادرة على أداء وظائفها المتمثلة في ترسيخ السلوك المدني لدى التلاميذ والطلبة؛
- ترسيخ ثقافة الامتياز واستثمار تجربة المؤسسات المرجعية ومأسستها وتوسيعها؛
- تقوية التوجيه إلى الشعب العلمية والتكنولوجية والمهنية لتستقبل على الأقل، الثلثين كما نص على ذلك الميثاق الوطني للتربية والتكوين، حتى يتأتى توسيع خريطة المؤسسات الجامعية في الميادين التقنية والتكنولوجية والهندسية، من أجل مواصلة تفعيل مبادرة 10.000 مهندس، وبرنامج التكوين في المهن الجديدة (Offshoring)، وأجرأة تنفيذ برنامج تكوين 10.000 مهني لتأطير المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإعمال مخطط تنمية تكوين الأطباء للرفع من كثافة التأطير الطبي الهادف إلى تكوين 3.300 طبيب سنويا في أفق سنة 2020؛
- تنمية مسالك الإجازات المهنية في جميع مؤسسات التعليم العالي الجامعي ذات الاستقطاب المفتوح؛
- تأهيل الموارد البشرية للرفع من نجاعة انخراطها في أوراش الإصلاح، عبر بلورة استراتيجية للتكوين والتكوين المستمر، تستجيب للحاجات ذات الطابع الاستعجالي في هذا المجال؛
- تطوير تدريس اللغات الأجنبية، وخاصة الفرنسية والإنجليزية والإسبانية؛
- تنمية التعليم المدرسي والعالي الخصوصي الذي عملت الوزارة الأولى على بلورة اتفاقية إطار مع ممثليه من أجل تأهيله وتشجيعه وتمكينه من المساهمة في الإصلاح بشكل فعال ووازن؛
- تنويع مصادر التمويل وتوفير الموارد الضرورية لمواصلة إعمال الإصلاح، بما في ذلك إسهام كل الفاعلين والشركاء في عملية التربية والتكوين؛
- تعزيز دور الأكاديميات باعتبارها سلطات جهوية يبنغي أن تخول لها كل الاختصاصات التي تمكنها من نهج التدبير التعاقدي بما يراعي الخصوصيات الجهوية؛
- دعم وتعزيز استقلالية الجامعات بتخويلها كامل الاختصاصات الضرورية التي تؤهلها للانخراط في نهج التدبير التعاقدي مع الدولة، والتشاركي مع محيطها السوسيو اقتصادي.
والمحور الثاني هو إنجاز تقويم لحصيلة عشرية إصلاح نظام التربية والتكوين، لتوفير المعطيات التي تساعد على بلورة معالم استراتيجية وطنية لتطوير منظومة التربية والتكوين، في ضوء الحاجات الجديدة التي ستفرضها متطلبات التنمية الشاملة.
وفي مجال البحث العلمي والتكنولوجي، سيسعى العمل الحكومي إلى استكمال تنظيم وهيكلة البحث العلمي، بدعم الصندوق الوطني للبحث العلمي والتنمية التكنولوجية بموارد مالية ضرورية، وتعبئة وتثمين الموارد البشرية، وإيجاد آليات وحوافز تشجع القطاع الخاص على المساهمة في تمويل مشاريع البحث العلمي.
- قطاع التكوين المهني:
وسيرتكز برنامج العمل الحكومي في مجال التكوين المهني على تنمية التكوين بالتدرج المهني لتمكين الشباب بصفة عامة، والمنقطعين عن الدراسة بصفة خاصة، من اكتساب مهارات عملية تسهل اندماجهم في سوق الشغل، وفي المساهمة في تحسين وتأطير النسيج الاقتصادي، وإنجاز أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كما يصبو هذا البرنامج إلى إحداث إطار هيكلي وتواصلي بين نماذج التكوين والتعليم من أجل الرفع من فرص اندماج الشباب في النسيج الاقتصادي. وسينكب العمل الحكومي أيضا على تأهيل الشباب، خاصة في القطاعات الواعدة.
- خطة وطنية لمحاربة الأمية:
وستولي الحكومة عناية خاصة لتعزيز المكتسبات في مجال محو الأمية والتربية غير النظامية، حيث سيتم، في نطاق بعد وقائي التصدي للأمية في منابعها بالتدخل على مستويين:
- توفير فرصة ثانية لحوالي مليون طفل غير ممدرس في سن 9 إلى 15 سنة، باستقطاب 250.000 ألف طفل سنويا من أجل تأهيلهم للاندماج إما في التعليم النظامي أو التكوين المهني أو الحياة العملية؛
- إرساء خلايا اليقظة على صعيد جميع المؤسسات التعليمية قصد التصدي لظاهرة الانقطاع الدراسي، وتوفير الدعم اللازم للأطفال المعوزين المهددين بالانقطاع عن الدراسة لتقليص نسبة الانقطاع.
أما في نطاق البعد العلاجي، فتعتزم الحكومة إحداث وكالة وطنية لمحو الأمية، ومدها بما تحتاج إليه من الإمكانات المادية والبشرية لتضطلع بدورها في إكساب المستفيدين من برامجها، المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والحساب، مصحوبة بتأهيل حرفي، إضافة إلى تشجيع خلق أنشطة مدرة للدخل، وبالتالي ربط محاربة الأمية بمحاربة الفقر.
وستقوم الحكومة بإنجاز برامج مكثفة على مدى الخمس سنوات المقبلة بمختلف الجهات والأقاليم والجماعات، لخفض نسبة الأمية إلى أقل من %20 سنة 2012، عوض %38,5 المسجلة حاليا.....